الترجمة علم أم مهارة؟

هل الترجمة علمٌ يستطيع ممارستها كل من تعلم ودرس اللغات؟ أم مهارةٌ يكتسبها من مارسَ لغة ثانية تحدثا وكتابة؟ أم يشترط الجمع بين العلم والمهارة؟

هل هي مجرد نقل نص من لغة إلى أخرى؟ أم إعادة صياغة النص بكلمات لغة أخرى تحمل نفس روح ومعنى النص الأصلي؟

علم الترجمة

أكاديميا، هناك تخصص أو مجال اسمه الترجمة وهو قسم موجود في كليات اللغات والآداب والألسن، وعلومها قائمة على أسس و نظريات وبحوث وقواعد مدروسة، ولا يمكننا اعتبار فلان مترجما إلا إذا كان خريج أحد هذه الأقسام.

غير أن هناك مستجدات تطرأ دائما على مفردات اللغة وتراكيبها، كما أن هناك مستجدات في فنون الصياغة وأساليبها؛ ويوما بعد آخر تدخل تعبيرات جديدة على اللغة لا بد للمترجم أن يواكبها لتكون ترجمته قريبة من المنطق المتداول ولا تكون نصوصه المترجمة غريبة عن الواقع، وخاصة في ميدان الترجمة السياسية والإعلامية والتقنية..

في نفس الوقت لا بد من احترام التخصص؛ وخاصة في الترجمة العلمية البحتة مثل الترجمة الطبية والهندسية والقانونية والاقتصادية، والتي ربما تطلبت دراسة علوم أخرى إضافة إلى علم اللغات والترجمة.

مهارة الترجمة

غير أن التخصص وحده لا يكفي والعلم المجرد لا ينتج ترجمة متميزة ما لم يجمع معه مهارة وإبداعا وحسا فنيا، ويوضح هذا المعنى الأمثلة التالية:  

A thief escaped  يمكن أن تترجم إلى “هرب اللص “، ولكن المهارة تصيغها في جملة “لاذ اللص بالفرار”

وA beautiful garden  يمكن أن تترجم إلى “حديقة جميلة “، ولكن فن البلاغة يكتبها: “حديقة غنّاء”

الدكتور محمد عناني من ناحيته يعتبر أن الترجمة فنا، ويقول في كتابه “فن الترجمة”: إن “الترجمة فن تطبيقي ، وأنا أستخدم كلمة فن بالمعنى العام ، أي الحرفة التي لا تتأتّى الإ بالدُربة والمران والممارسة استناداً إلى موهبة”.

ورغم أن البعض يقول إن تعريف د. عناني يتجاهل مرتكزات أساسية في الترجمة، مثل الدراسة الأكاديمية، إلا أنه يتماشى مع آراء آخرين بأن الترجمة تعتبر فنا كونها تشترط الإبداع والموهبة التي تمارس في إطار أمانة النقل واحترام قواعد اللغة وسعة الثقافة وغزارة الاطلاع

بالجمع بين كل هذه الأراء يتضح لنا أن الترجمة هي علم وفن ومهارة وحرفة وإبداع في آن واحد، وعلى هذا الأساس، لا بد أن يجمع المترجم بين التخصص العلمي – وحبذا لو تخصص بأحد مجالات الترجمة الدقيقة – وبين المهارة في امتلاك ناصية اللغة المنقول إليها على وجه الخصوص، ويساعد على هذا وذاك سعة الثقافة واستمرار الاطلاع والقراءة في اللغات التي يترجم منها وإليها.