“السترات الصفراء” تعيد فرنسا إلى دائرة الضوء.. هل تعلم أن “الفرنسية” ليست هي اللغة الأصلية للفرنسيين!

شغلت أحداث احتجاجات الفرنسيين التي أطلق عليها تظاهرات أصحاب “السترات الصفراء” وسائل الإعلام الفترة الأخيرة، وأعادت فرنسا إلى دائرة الضوء مجددا.. وبدأ البعض يقرأ أكثر عن الشعب الفرنسي وعاداته وثقافته ولغته..

من الناحية اللغوية، قد يبدو غريبا للبعض هذه المعلومة التي تكشف أن الفرنسيين يتكلمون بلغة غير لغتهم الأصلية..
ولتوضيح ذلك نقرأ ما كتبته الباحثة اللغوية الفرنسية أونريات فالتر(Henriettt Walter)، في كتابها «الفرنسية بكل أبعادها، Le Français dans tous les sens»، الذي كتب مقدمته الخبير اللغوي الفرنسي أندري مارتيني، وتقول فيه:

إنه في الألفية الأولى قبل الميلاد كانت فرنسا تسمى «الغالية » (La Gaule)، ويتحدّث سكّانها لغة سلتية تدعى اللغة الغالية (Le gaulois)، وبعد الغزّو الرّوماني لهاتبنى السّكان إحدى اللهجات العامية للغة اللاتينية التي كان يتحدّث بها الرّومان الغزاة..

وبعدها بعقود طويلة تعرّضت أيضا لغزو قبائل جرمانية وهم الفرنك (الإفرنج)، حيث اختلطت تلك اللهجة اللاتينية الرومانية بلغة الجرمان الغزاة، وامتزجت لتصبح مع مرور الوقت هياللغة السّائدة في فرنسا، أو الفرنسية التي نعرفها اليوم.

كما تبنى السكان  أيضا ديانة الغزاة الرومان (المسيحية)، وأطلقوا على بلدهم اسما جرمانيا بحتا وهو “فرنسا” المشتقّ من الألمانية وهو يعني مملكة الإفرنج (!Frankreich)

كل هذا يعني بالمختصر المفيد أن اللغة الأصلية للسكان، وهي الغالية السلتية، انقرضت وحلّت محلها لهجة عامية مشتقّة من اللغة اللاتينية الفصحى

هناك أيضا الكاتب الفرنسي الراحل كلود دونيتون (ClaudeDuneton) وكان له عموود في جريدة لوفيجارو، عرض فيه أهمما نشره في كتبه «موت اللغة الفرنسية» عام (1999)، والذي يقول فيه: “إنه في بداية القرن العشرين كان ما بين 10 و20 في المائة من الفرنسيين فقط يتحدّثون الفرنسية وعليه فإن اللغة الفرنسية ليست في الحقيقة هي لغة الفرنسيين”.

ويؤكد دونيتون أناللغة الفرنسية السّائدة اليوم هي لغة البرجوازية التي فرضتها بالقوة على بقيةالفرنسيين، الذين أجبروا على التّخلي عن لغاتهم ولهجاتهم الأصلية، ومع ذلك تظلّنسبة كبيرة من هذه اللهجات واللغات حيّة ومستعملة في مختلف المناطق الفرنسية، لكندون اعتراف رسمي من الدولة التي حسب الدستور الفرنسي تمثل إرثا ثقافيا فقط.